صحيفة بريطانية: السعودية تجسست على هاتف رئيس بعثة التحقيق الدولية في حرب اليمن
يمنات – وكالات
كشف تحليل جنائي جديد لمنظمات دولية، عن استهداف هاتف رئيس فريق الخبراء الدوليين الذي كان يحقق في جرائم حرب محتملة في اليمن، قد استُهدف ببرامج تجسس معقدة طورتها مجموعة إسرائيلية، وفقا لما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية .
وقال تحليل لخبراء في منظمة العفو الدولية ومنظمة “سيتزن لاب” في جامعة تورنتو الكندية إن هاتف التونسي، كمال الجندوبي، الذي شغل منصب رئيس فريق الخبراء البارزين في اليمن قد جرى استهدافه في أغسطس 2019.
وأضاف التحليل أن اختراق هاتف الجندوبي، كان قد وقع قبل أسابيع قليلة من تقديم فريق الخبراء تقريرهم إلى الأمم المتحدة، والذي خلصت بعض نتائجه إلى أن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن دعماً للحكومة المعترف بها دولياً في حربها ضد حركة أنصار الله (الحوثيين) قد اقترف “انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي” يمكن أن تؤدي إلى “مسؤولية جنائية عن جرائم حرب” محتملة.
وأظهر التحقيق الصحفي الذي شاركت فيه صحيفة “الغارديان” مع وسائل إعلام أخرى ومنظمة فرنسية غير ربحية تدعى”Forbidden Stories” أن رقم هاتف الجندوبي قد ظهر في قاعدة بيانات برنامج بيغاسوس الإسرائيلي.
وتشير البيانات إلى أنه كان جرى اختيار الجندوبي كهدف محتمل للمراقبة من قبل السعودية، والتي اتهمها التحقيق بأنها كانت عميلًا قديماً لشركة “أو إن أس” الإسرائيلية التي طورت برنامج التجسس، فيما رفضت السفارة السعودية في لندن التعليق على الموضوع للصحيفة.
وحين نُشرت التحقيقات حول برنامج بيغاسوس في يوليو الماضي، أنكرت السعودية، على لسان مصدر مسؤول تحدث لوكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”، استخدام المملكة لبرنامج لمتابعة الاتصالات، واصفة الاتهام بأنه “ادعاء.. لا أساس له من الصحة”..
وكان المدافع عن حقوق الإنسان كمال الجندوبي، قد عين من قبل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لقيادة مجموعة من الخبراء الدوليين للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن في العام 2017، وذلك قبل أن يلغى التفويض لذلك الفريق بشكل مفاجئ في أكتوبر الماضي بعد أن صوت أعضاء مجلس حقوق الإنسان على إنهاء التحقيق.
وفي بيان رداً على أسئلة حول قضية الجندوبي، قال متحدث باسم شركة “إن إس أو”: “بناءً على التفاصيل التي قدمتها لنا، يمكننا أن نؤكد أن كمال الجندوبي لم يكن مستهدفًا من قبل أي من عملائنا الحاليين”.
من جانبه قال الجندوبي إن اختراق هاتفه يعبر عن أفعال “دولة مارقة”، مضيفا: “لا توجد كلمات أخرى تصف الأمر، وبصفتنا محققين دوليين، فإنه كان من المفترض أن نكون نحظى بالحصانة والحماية، ومع لست متفاجئًا على الإطلاق مما حدث إذ سبق أن عبرت عن مخاوفي بهذا الشأن في العام 2019”.
وأضاف الجندوبي: “نمى إلى علمنا أننا قد نستهدف بعد نشر تقريرنا في العام 2018، إذ أحدث ذلك التقرير صدمة في السعودية والإمارات، باعتبارهما لم يتوقعا مثل هذه النتائج “.
وأكد المحقق السابق أن الهاتف الذي جرى اختراقه لم يكن يستخدمه في إجراء تحقيقاته، موضحا أن ما حدث يدل على أن الدولة التي وقفت وراء هذا الأمر لا تهتم “بالالتزامات القانونية والحد الأدنى من القواعد الدولية”.
من جانبها، قالت ميليسا بارك، المحققة الخبيرة في فريق الخبراء البارزين والنائب الأسترالي السابق، رداً على أنباء استهداف الجندوبي: “لو أمكن فقط تطبيق هذه التكنولوجيا وتوجيه الطاقة غير العادية لصالح الشعب اليمني، لكانت الدعوات إلى المساءلة عن الجرائم المرتكبة في اليمن قد أخذت صدى أكبر “.
وبحسب صحيفة “الغارديان”، قوبل الكشف عن استهداف هاتف الجندوبي برد فاتر من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الجندوبي كان خبيرا مستقلا وإن الأمم المتحدة ستترك الأمر له للتعليق.
“أمر صادم”
فيما قال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان: “إن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والسياسيين هو مجرد مثال آخر على كيف يمكن للأدوات التي يُزعم أنها تهدف إلى معالجة المخاطر الأمنية أن تتحول إلى أسلحة ضد الأشخاص ذوي الإعاقة. الآراء المخالفة”.
ووصفت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أغنيس كالامارد، التي عملت سابقًا مقررة خاصة للأمم المتحدة، نبأ اختراق الجندوبي بأنه “صادم وغير مقبول”.
وقالت: “لقد جرى استهدافه أثناء التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع المسلح وعلى يد طرف رئيسي في ذلك النزاع؟ إن هذا السلوك المزعوم يدل على ما هو أكثر بكثير من السخرية والاستخفاف القاسي بمبدأ المساءلة، على الرغم من أنه يفعل ذلك بالتأكيد”.
وأضافت: “يشير الاستهداف إلى مزيد من الأدلة المستهجنة على تجاهل السلطات السعودية التام للقانون الدولي، واستعدادها لفعل أي شيء للحفاظ على إفلاتهم من العقاب، ويظهر مرة أخرى عدم احترام تام للأمم المتحدة، والصكوك المتعددة الأطراف، وإجراءات حقوق الإنسان”.